منذ توليه السلطة في تونس، اتخذ الرئيس قيس سعيد سلسلة من القرارات التي أحدثت تحولات جذرية في البنية السياسية للبلاد. هذه القرارات، التي بدأت في 25 جويلية 2021 وتمثلت في خطوات استثنائية أثارت الكثير من الجدل حول جدواها و تاثرها على الواقع الاقتصادي و الاجتماعي.
حيث أعلن سعيد في 25 جويلية 2021 عن تجميد البرلمان و رفع الحصانة على اعضاء المجلس بالإضافة الى إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي ، مما شكل بداية لمرحلة اخرى في تاريخ تونس.
ومدد الرئيس التدابير الاستثنائية في الثالث و العشرين من اوت لسنة 2021 معززاً قبضته على السلطة ومؤكداً على استمرارية هذه الإجراءات.
كما علق سعيد في سبتمبر 2021 العمل بدستور 2014 وأصدر الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 مؤرخ في 22 سبتمبر 2021 يتعلق بتدابير استثنائية كي يمنحه السلطة الكاملة في ادارة شؤون البلاد. وقام بتشكل حكومة جديدة، في خطوة لإعادة تنظيم السلطة التنفيذية و عين على راسها نجلاء بودن.
كما أطلق سعيد الاستشارة الوطنية الإلكترونية في 13 ديسمبر 2022، مما يعكس رغبته في إشراك المواطنين في صياغة مستقبل البلاد. حيث بلغ عدد المشاركين 534915 بعد شهرين و5 ايام.
واصدر ا المرسوم الرئاسي عدد 11 لسنة 2022 مؤرخ في 12 فيفري 2022 و الذي يقضي بحل المجلس الأعلى للقضاء واستبداله بمجلس جديد يدعى “المجلس الأعلى المؤقت للقضاء ” مما أثار تساؤلات عدة في الوسط السياسي و القانوني حول استقلال القضاء في تونس. و هل ان القضاء سلطة ام تحول الى وظيفة.
ثم قرر سعيد في 30 مارس 2022 حل البرلمان بشكل نهائي بالاعتماد على الفصل 72 من دستور 2014 الملغى ، مما أدى إلى تصاعد التوترات السياسية.
ولم يتوقف عند حل مجلس النواب فقط بل و في 23افريل من نفس السنة قام بحل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات و اصدر أمر رئاسي عدد 459 لسنة 2022 مؤرّخ في 9 ماي 2022 يتعلّق بتسمية أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهو ما يشير إلى تغييرات في العملية الانتخابية . ويجعلنا نتسائل حول مصداقية الانتخابات و نزاهتها و شفافيتها.
ونظم سعيد في 25 جويلية 2022 استفتاء دستوري حيث بلغ عدد المشاركين في الاستفتاء 2,756,607 ناخبين من أصل 9,3 مليون ورغم المقاطعة الواسعة، تم اعتماد الدستور الجديد ، مما يستوجب التساؤل حول شرعية هذا الدستور و مدى مشروعيته.
ثم أصدر سعيد المرسوم عدد 55 لسنة 2022 مؤرّخ في 15 سبتمبر 2022 يتعلّق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرّخ في 26 ماي 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه.
كما تعكس هذه القرارات رؤية سعيد لتونس وتشير إلى توجهه نحو تعزيز سلطته. ومع ذلك، فإن هذه الخطوات لا تخلو من المخاطر، حيث يرى البعض فيها تهديداً للديمقراطية والحريات، بينما يعتبرها آخرون ضرورية للخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية التي تواجه البلاد.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت هذه القرارات قد قادت تونس نحو الاستقرارا وازدهار ، ام أنها زادت من عمق الانقسامات داخل المجتمع التونسي. و برهنت عن فشلها.