رحم الله وزيرنا الأول السابق، السيد محمد مزالي، وأسكنه فسيح جناته، إنه الرجل الذي كان مصلحًا ومبادرًا ومخلصًا لوطنه وشعبه. يُعتبر مزالي شخصية فريدة في تاريخ السياسة التونسية، فقد قدم جهودًا كبيرة لتحقيق الإصلاحات دون أن يستجيب لضغوط الاستعمار.
تتمثل شجاعته في اتخاذ قرارات جريئة، حيث كانت البلاد قبل عام 1981 تشهد فترات رمضانية مليئة بفتح المقاهي والمطاعم، وبيع الخمور كالمعتاد. إلا أن مزالي جاء بمنشوره الشهير عام 1981 الذي أمر فيه بإغلاق المقاهي والمطاعم خلال نهار رمضان، ومنع بيع الخمور تمامًا خلال هذا الشهر الفضيل. كما أقر عملًا بحصة واحدة خلال شهر رمضان للصائمين، وأمر بمعاقبة كل من يتحدى مشاعر الصائمين بإعلان إفطار علني.
من بين إنجازاته البارزة، قام بتعريب بعض المواد الدراسية في المراحل الابتدائية والثانوية، مما أدى إلى تحسن التحصيل العلمي والمعرفي للتلاميذ. كما قاد إصلاحات في المناهج التعليمية بهدف بناء جيل متمسك بالهوية العربية الإسلامية.
مزالي كان شخصية وطنية شجاعة ومثقفة، وكان واثقًا من هويته العربية الإسلامية، ورفض أن يبقى الشعب التونسي تابعًا لأوامر باريس. ورغم المؤامرات القذرة التي حاكها ضده بعض المتنفذين، فإن إرثه الشريف يظل مصدر إلهام للعديد من الجيل الحالي والقادم.
لذلك، من الواجب أن نحتفي بذكرى محمد مزالي، ونجعل منه مثالًا يحتذى به في الصدق والشجاعة، على الرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه من عمره وسمعته التي تعرضت للتشويه.”