إن الكثير من المشاكل الحاصلة داخل المؤسسة الواحدة ، تعد أهمها غياب “التقدير” و “التشجيع” للآخر ( الموظف, العون ..) داخل منظومة إدارية تتفرع إختصاصاتها و تتعدد و ذات هيكلة من أعلى سلطة هرمية إلى أصغرها ، هنا يعد الإحساس بالتقدير و التشجيع مهم جدا و هو أيضا يعتبر موضوعا جوهريا صلب المنظومة في حد ذاتها بإعتبارها مجتمع بشري مصغر ، هنا وجب التنويه بأهمية التقدير و ما يلعبه من دور مهم في دفع الموظف أو العون إلى العطاء أكثر و تحسين مردوده عمليا و لمزيد تقديم الأفضل و الإبداع ، و قد تم تصنيف الحاجة إلى “التقدير” كعنصر رئيسي في هرم (ماسلو) للحاجات الإنسانية¹
الموظف بصفة عامة و في كل القطاعات،و كذلك العون الذي يعمل ليلا نهارا، يقوم كل منهم بأداء واجبه المهني و يبذل الكثير من الطاقة و المجهود لذلك العمل الموكول إليه ، لا ينتظر شيئا سوى بعض “التقدير” و لو كلمة تشجعه و ترفع من معنوياته فقط،فكلمة “شكرا لك ” البسيطة لها الأثر الكبير على نفسية الموظف و العون ، لكي يستطيع الفرد أن يتقدم و يكمل مشواره المهني بكل عزيمة و ثبات و حماس .
هنا يتضح جليا الحديث عن “ثقافة التقدير و التشجيع” التي تعد عاملا رئيسيا و مهما لتحفيز التميز و الإبداع لكن في صورة غابت هذه الثقافة تغيب معها كل بوادر تقدم و تميز بالإضافة للعامل النفسي و الصحي الذي هو مطلوب لأداء العمل ، مما يلاحظ اليوم بأنه هناك نسبة كبيرة من الموظفين و الأدمغة و الكوادر تركوا هذه الوظائف لا لشئ إلا لغياب”التقدير” الذي يعتبر العامل الأساسي في إيجاد أزمة نفسية من شأنها المساهمة بشكل أو بأخر و الدفع بهم للهجرة أو القيام بمشروع خاص أو إستبدال محيط العمل ، و هذا كله يعود لما وجدوه من معاملات شتى من أرباب العمل أو المديريين الذين ينظرون لهم نظرة ” تقزيم أو تقصيير” بالرغم ما يقدم مهنيا لإتمام العمل و ماهو المطلوب منهم .
المسؤول دون المجموعة لا شئ و الموظف دون المجموعة لا شئ ، العون دون الأخرين لا شئ ،و في إتصاله و تحاوره و تواصله داخل المنظومة للمؤسسة ، يتعايش في محيط مهني متنوع العلاقات ، قد يتعرض لهرسلة أو سوء فهم من أخر أو ظلما متعمدا ،بينما هو كان ينتظر عكس ذلك ، هنا يكمن دور المسؤول و ما يلعبه من ادوار شتى صلب المنظومة الإدارية التي تحتاج للمسؤول الحكيم أو بمعنى أخر و في مصطلح جديد الصياغة و ما يربطه بالمؤسسة الحدائثية في علاقاتها بفنون القيادة ، و هو مصطلح ” القائد الحكيم ” و المتوازن نفسيا و هو الذي بكلمة يستطيع أن يجري و يقوم بتغيير يذكر فيشكر ، مهم جدا ترسيخ ” ثقافة التقدير” عند المسؤول أولا لكي يكون المثال و القدوة لعناصر المجموعة داخل مناخ عملي يتسم بوجود علاقات متعددة ، ثانيا التركيز على أهمية المؤسسة الحديثة اليوم و التمشي صلبها وفق المناهج العلمية من جانب و السعي لتركيز و إعتماد كل المطلحات الجديدة قولا و فعلا من جانب أخر.
إذن ، المؤسسة اليوم بحاجة لثقافة التقدير ، لابد من خلق مناخ لترسيخ هذا المفهوم في ذهن المسؤول أولا و بين الموظفين و الأعوان ثانيا و يعد هذا عنصرا فعالا و مهما لتحسين المردود الإنتاجي و تقديم الأفضل و السعي لمزيد الإبداع داخل مناخ يتسم بثقافة التقدير و التشجيع فالتقدير أمر حيوي.
“ثقافة التقدير و التشجيع ” عنصر مهم و فعال يزيد من حماسة الاعوان و يزيد من إبتكاراتهم و إبداعاتهم بمختلف المنظومات ، كما هو الشأن يبني الثقة بين ” القائد ” و “العون” الامر الذي يقود لخلاصة النتائج المرجوة و أكثر .
على المؤسسة أن تعي جيدا أهمية و قيمة الفريق و كيفية و طرق عمله ،و مآثر كل فريق ، البحث عن السلبيات أولا و طرحها للنقاش بتشريك الجميع للخروج بنتيجة إيجابية من شأنها تفادي كل شكل من أشكال النزاعات سواء كانت داخلية أو خارجية و الحد منها بل و القطع معها نهائيا، ثانيا فتح المجال لكل المشاركات و المساهمة الفعالة و حسن الإصغاء و الإهتمام لكل ما يقدمه العون بإعتباره جزء و مكون أساسي و مهم و تقديرا لكل ما يسهم به من إنجازات .
سؤالنا هل حقا اليوم نستطيع فعلا الحديث عن مؤسسة الإذاعة الحديثة أم لازال المشوار طويلا نظرا لوجود العديد العديد من العقبات و التعقيدات؟ أم الأمر يتطلب تغييرات جذرية في عقليات بعض المسؤولين الذين يتعمدون عدم الخروج من الظلمة للنور و التقاعس حتى عن قراءة دراسة علمية حديثة و معرفة أسرار الدول المتقدمة و ما تعيشه من تطورات و تغيرات شتئ صلب المؤسسة و في عوالم الادارة الحديثة و التصرف في المنظومات ؟
نعيب زماننا و العيب فيما و مالي زماننا من عيب سوانا .
د.سعيدة بن مسعود
إعلامية
باحثة و مكونة