تحتفل تونس بعيد الاستقلال في 20 مارس من كل عام، وهو يوم يعبر فيه التونسيون عن فخرهم واعتزازهم بتاريخهم الطويل من النضال من أجل الحرية والاستقلال.
تتزين شوارع تونس بألوان العلم الوطني، وتملأ الأهازيج والأغاني الوطنية الأجواء احتفالاً بعيد الاستقلال، الذي يمثل ذروة النضال التونسي المرحلي والتاريخي من أجل الحرية.
في هذا اليوم من عام 1956، أعلنت تونس استقلالها عن الاستعمار الفرنسي، وهو الحدث الذي شكل نقطة تحول في تاريخ البلاد، وكان الطريق إلى الاستقلال طويلاً وشاقاً، ومليئاً بالتضحيات والبطولات التي سطرها الشعب التونسي بأحرف من دماء.
تعود جذور النضال التونسي إلى بدايات القرن العشرين مع المقاومة المسلحة والحركة الوطنية التونسية، حيث بدأت هذه الأخيرة تتشكل وتنظم صفوفها مطالبة بالحقوق السياسية والاجتماعية، وقد تصاعدت وتيرة المطالبات مع مرور الوقت، وتحولت إلى مطالب بالاستقلال التام.
شهدت أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي تصعيداً في الأحداث، حيث اندلعت مظاهرات وإضرابات عارمة، وواجه الشعب التونسي القمع بصلابة وعزيمة، ولعبت شخصيات وطنية بارزة دوراً محورياً في هذه المرحلة، ومن بينهم الزعيم الحبيب بورقيبة، الذي أصبح أول رئيس للجمهورية التونسية.
ويعتبر عيد الاستقلال فرصة للتأمل في الماضي وتكريم الأجيال التي قاتلت من أجل تحقيق الحلم التونسي، كما يعد هذا اليوم تذكيراً بأهمية الحفاظ على السيادة والهوية الوطنية، والعمل المستمر من أجل مستقبل أفضل.
ويظل عيد الاستقلال رمزاً للوحدة والتضامن بين أبناء الشعب التونسي، ويجسد الإرادة القوية للأمة في مواجهة التحديات وبناء مستقبل مزدهر.
التمشي المرحلي نحو الاستقلال
تُعدّ فترة السعي نحو الاستقلال التي بدأت في 1952 من الأحداث البارزة في تاريخ تونس الحديث، وشهدت هذه الفترة تطورات مهمة أدت إلى استقلال البلاد، حيث تحولت تونس إلى محمية فرنسية بموجب معاهدة باردو(عهد الأمان 1881) مما أدى إلى تقييد السيادة التونسية وتعزيز السيطرة الفرنسية.
وبرزت حركة المقاومة المسلحة التي قادها الفلاقة وخاضت معارك عديدة ضد الأهداف الاستعمارية، مما دفع فرنسا للجلوس إلى طاولة المفاوضات التي أدت إلى اعتراف فرنسا بالاستقلال الداخلي لتونس في غرة جوان 1955، وهو خطوة مهمة نحو الاستقلال الكامل.
وفي العشرين من مارس لسنة 1956، تُوّجت الجهود بإعلان استقلال تونس، مما مكّن البلاد من الشروع في بناء مؤسساتها السياسية والاقتصادية والثقافية.
وتُظهر هذه الأحداث النضال الطويل والشاق الذي خاضه الشعب التونسي من أجل الحرية والاستقلال، حيث وقّعت تونس اتفاقيات الاستقلال الداخلي مع فرنسا، والتي مثلت خطوة مهمة نحو الاستقلال الكامل. وقد كانت عودة الزعيم الحبيب بورقيبة إلى تونس في غرّة جوان 1955، بعد غياب دام أكثر من سنتين، حدثًا استثنائيًا.
وبعد إجراء مفاوضات مع فرنسا تخص الاستقلال وممارسة السيادة توصلت تونس إلى الحصول على استقلالها الداخلي في غرّة جوان 1955، ومثل ذلك مرحلة انتقالية لمواصلة مفاوضات وقع إثرها الطرفان بروتوكول الاستقلال بتاريخ 20 مارس 1956 الذي اعترفت فيه فرنسا علانية باستقلال تونس.
وتتالت الإصلاحات في مجال القضاء بعد أن كان مختلطا بين الفرنسيين والتونسيين وتوحيده ومشتتا بين محاكم شرعية وأخرى مدنية إلى جانب المحاكم الفرنسية فأعادت تونس هيكلة المحاكم بحذف البعض منها وإحداث أصناف جديدة من المحاكم.
وطور المجلس التأسيسي لتونس المستقلة، في الفترة ذاتها، التشريعات بإصدار مجموعة مهمة من القوانين والمجلات تكرس كلها سيادة البلاد وتدفع المجتمع إلى التقدم ومسايرة المتطلبات الجديدة لبناء الدولة وتركيز المؤسسات الدستورية.
وتُوّجت هذه الجهود بإعلان استقلال تونس الذي يُعتبر إنجازًا تاريخيًا سمح لتونس ببناء مؤسساتها السياسية والاقتصادية والثقافية.
وتُظهر هذه الفترة من التاريخ التونسي العزيمة والإصرار الذي أبداه الشعب التونسي في سبيل الحرية والاستقلال، وتُعتبر مصدر فخر للأجيال القادمة.